البهائيّون في قطر
نشأة الدّين البهائي كانت من خلال رسالة أوكلها اللّه إلى مبعوثَين إلهيين هما حضرة الباب وحضرة بهاءاللّه؛ والوحدة التي تميِّز اليوم الدّين الذي قاما بتأسيسه تنبع من توجيهات واضحة وصريحة وضعها حضرة بهاءاللّه لضمان إستمراريّة الهداية والإرشاد بعد صعوده إلى الرفيق الأعلى. هذه السّلسلة المتعاقبة والتي يشار إليها بالعهد والميثاق انتقلت من حضرة بهاءالله إلى إبنه حضرة عبدالبهاء، ومنه إلى حفيده حضرة شوقي أفندي وبيت العدل الأعظم المنصوص عليه من قبل حضرة بهاء اللّه. والبهائي يؤمن بالمكانة المقدسة الإلهية لحضرة الباب وحضرة بهاءالله والمعينين من بعدهما.
في اواسط القرن التاسع عشر – احدى أكثر مراحل تاريخ العالم اضطرابا – أعلن تاجر شاب أنه حاملٌ لرسالة مقدّر لها أن تحدث تحولا في الحياة الروحية والاجتماعية للبشر. في وقت كانت بلاده ايران تشهد انهيارا اخلاقيا ومعنويا واسع النطاق، بثت رسالته الحماسة والأمل في جميع الطبقات، وجذبت على نحو مضطرد وسريع الآلاف من المريدين. هذا الشاب اتخذ لنفسه لقب "الباب".
بدعوته إلى الإصلاح الروحي والأخلاقي، واهتمامه بتحسين أوضاع النساء والفقراء، كان العلاج الذي وصفه حضرة الباب للتجديد الروحاني ثوريا قياسا بالقيم السائدة آنذاك. في الوقت نفسه أسس ديانة متميزة مستقلة اختصت بظهوره، ملهماً اتباعه إِحداث تحول جذري في حياتهم والقيام بأعمال بطولية عظمى.
أعلن الباب أن البشرية تقف على أعتاب عصر جديد، فالهدف من بعثته التي استمرت ست سنوات، كان تمهيد الطريق لمجيء مظهر إلهي ؛ رسولاً من عند الله لهداية البشر في عصر السلام والعدل اللذين وعد بهما كافة أديان العالم، هو بهاءالله.
تحية إجلال لحضرة الباب من أ.ل.م نيكولا الكاتب الفرنسي في القرن التاسع عشر
حضرة الباب (( ١٨١٩م - ١٨٥٠م))
المبشّر بالدّين البهائي
"كانت حياته واحدة من أروع الأمثلة في الشجاعة وقد كان شرفا للبشرية أن تشهدها..."
ضريح حضرة الباب
عبر التاريخ وفّرت الأديان العظمى القوة الرئيسية الدافعة بالهوية الانسانية نحو الحضارة والمدنية ، وأطلقت الانضباط الذاتي لدى أتباعها وعززت فيهم التفاني والاخلاص والبطولة. وعلى المستوى الاجتماعي فقد تمت ترجمة الكثير من القيم والمُثل الأخلاقية الدينية إلى أنماط سلوك، وبنى وهياكل، تنظم العلاقات الانسانية وترتقي بحياتها الجماعية.
في كل عصر يبعث فيها مظهر إلهي كرسول من عند الله، يطلق قدرا أكمل من الإلهام لإيقاظ البشرية وتطويرها وتقدمها في المرحلة المقبلة. انسانٌ – لا يختلف عن الآخرين في مظهره – يصطفيه الله لينطق بلسانه. في هذا المقام نتأمل في موقف موسى عليه السلام ماثلا أمام السدرة المشتعلة، وبوذا عليه السلام يتلقى الهداية تحت شجرة بودا، وفي نزول روح القدس على عيسى عليه السلام على هيئة حمامة، أو في ظهور المَلك جبريل لمحمد عليه الصلاة والسلام.
حضرة بهاءاللّه (( ١٨١٧م - ١٨٩٢م))
المربّي الإلهي
"فو نفسه المحبوب ما أردت أن أكون رئيساً لمن على الأرض بل ألقي عَلَيهم ما أُمرت به من لدن عزيز جميل ..."
حضرة بهاءاللّه
ليو تولستوي - كاتب روسي
عانى حضرة بهاءالله السجن والتعذيب والنفي طيلة أربعين عاما من أجل ايصال أحدث رسالة سماوية من الخالق إلى البشرية. واليوم، تزداد سيرته ورسالته اشتهاراً وانتشاراً على امتداد المعمورة. ملايين من البشر يتعلمون تطبيق تعاليمه في حياتهم الشخصية والجماعية من أجل اصلاح العالم.
في اواسط القرن التاسع عشر اختار الله حضرة بهاءالله لإيصال رسالة جديدة إلى البشرية. فعلى مدى أربعة عقود نزلت آلاف الآيات والرسائل والكتب من يراعه المباركة. في آثاره الكتابية هذه وضع الخطوط الرئيسية لإطار عمل يهدف إلى تطور حضارة عالمية تأخذ بعين الاعتبار البعدين الروحي والمادي لحياة الانسان.
"تعاليم بهاءالله ... تقدِّم لنا الآن النّموذج الأسمى والأنقى للتّعاليم الدّينية..."
ضريح حضرة بهاءاللّه
حضرة عبدالبهاء (( ١٨٤٤م - ١٩٢١م))
المثل الأعلى
في السنوات الأولى من القرن العشرين، كان حضرة عبدالبهاء – أكبر أبناء حضرة بهاءالله – المثل الأعلى للدين البهائي وراعي شئونه، واشتهر بكونه نصير العدالة الاجتماعية وسفير السلام العالمي.
تأكيدا على الوحدة كمبدأ أساسي لتعاليمه، وضع حضرة بهاءالله الأسس الضامنة لحماية دينه كي لا يواجه مصيرا مشابها لسائر الأديان التي تشعبت إلى مذاهب مختلفة بعد رحيل مؤسسيها. في آثاره الكتابية أمر الجميع بأن يتوجهوا إلى ابنه الأرشد عبدالبهاء، ليس كمبين ومفسر وحيد للآثار البهائية فحسب بل وكمثل أعلى لروح دينه وتعاليمه.
بعد صعود حضرة بهاءالله إلى الرفيق الأعلى، قدمت الخصائص الاستثنائية التي تميز بها حضرة عبدالبهاء في شخصيته وعلمه وخدمته للإنسانية عرضا جليا وعمليا لتعاليم حضرة بهاءالله، واستقطبت قدرا كبيرا من احترام وتقدير العالم لمجتمع بهائي سريع التوسع والانتشار في كافة أرجاء المعمورة.
"... وكل من جلس اليه يرى رجلاً عظيم الاطلاع حلو الحديث جذابًا للنفوس والارواح يميل بكليته الى مذهب وحدة الانسان"
كرس حضرة عبدالبهاء فترة ولايته لتعزيز ونشر دين والده وترويج المثل العليا للسلام والوحدة؛ وشجع تأسيس المؤسسات البهائية المحلية، ووجه أولى المبادرات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية. بعد أن تحرر من سجنه المؤبد، بدأ حضرة عبدالبهاء سلسة من الرحلات إلى مصر وأوروبا وأمريكا الشمالية. في حياته قدم العلاج الذي وصفه حضرة بهاء الله لتجدد المجتمع روحيا واجتماعيا، بأسلوب بسيط وبارع، للشريف والوضيع على حد سواء.
جريدة المؤيد، مصر، 16 أكتوبر 1910